عباس راجل بخيل جدا وعمره ما دخل على بيته بأي حاجة , لكن اليوم ده كان يوم غريب جدا ........ فدخل عباس البيت وهو ماسك في ايده شنطة بلاستيك , ونادى على ولاده : يا أحمد يا شريف يا نها ......... تعالو يا ولاد شوفو أنا جايبلكو ايه ,( وراح مشاور عالكيس البلاستيك إلي في ايده ) ....... وطبعا ولاده مكانوش مستوعبين الموقف, حتى إنهم شكو إن إلي واقف أدامهم ده يبقى أبوهم ......... لكن (نها) شاورت لأخواتها على الشراب بتاع أبوهم إلي مدلدل من الجزمة , وقالتلهم : يا جماعة ده أبونا , حتى بالأمارة دي جزمته .
أحمد : انت بتتكلم جد يا بابا ؟! ....... أبوس ايدك أوعى تكون بتبعتنا , أو جايبلنا كيس فاضي .
أما شريف , فالدمعة نزلت من عينه وهو متأثر وراح ناحية أبوه وهو بيحضنه وبيقوله : انت حقيقي أحن أب في الدنيا , أنا فخور إن ليا أب زيك ......... يا حبييييييبي يا بابا , اهئ اهئ .
عباس وهو عايش اللحظة الدرامية دي : يا ولاد أوعوا عشان أنا عمري ما دخلت عليكو بأي حاجة تفتكرو إني بخيل , أو بحوش عنكو حاجة , يعلم الله ....... يعلم الله , أنا أد ايه بحبكو , حتى أنا انهارضه قولت أعوضكو عن سنين الحرمان إلي عيشتهالكوا , وقولت مش كل مرة أدخل البيت وايدي فاضية , انهارضه بس يا ولاد هنبتدي صفحة جديدة , وراح مشاور عالكيس البلاستيك .
وطبعا البيت قلب هيصة وزمبليطا , وأعد العيال يهتفو بحياة أبوهم : يعيش أبونا الحاج عباس ....... يعيش ..... يعيش .......... فليسقط البخل والبخلاء .......... واندمج شريف الابن الكبير لعباس في المظاهرة إلي عاملينها , واقتمص دور زعيم سياسي قائلا : أيها الشعب , أيها الشعب ....... إن اليوم لهو يوم عظيم , إن هذا اليوم ليوم تاريخي في حياة هذا المنزل العظيم الذي طالما شهد أزمات ونكبات وسنين مجاعات .......... لطالما مرت أيام عصيبة على هذا البيت حيث كان غدائنا هو الفول والطعمية , أو المسقعة أم تقلية , ولكثيرا ما طالبنا الوالد بأن نأكل شئ جديد يطلق عليه زملائي ( اللحمة ) ......في الحقيقة لا أعلم ماهي اللحمة ولكني كثيرا ما سمعت أشعارا وقصصا تمدح فيها ........... ولكن والدنا كان يقول: ما معي من مال لأشتري لحمة ( مع إنه معاه على قلبه أد كده ) .......... ولكن انتهت هذه الأيام بلا رجعة .......... وسيبدأ من اليوم عهد جديد , هو عهد الرخاء والنماء ........... هو عهد اللحمة .
وبعد ما شريف خلص الكلمتين دول , البيت كله أعد يسقف , بما فيهم عباس ومراته , إلي صحيت على صوت شريف .
وطبعا عباس كان متأثر جامد من الكلام إلي سمعه والهتافات والتسقيف , فأعد على أحد الكراسي , وأعد يمسح دموعه ....... وراحت مراته جنبه وقالتله : يووه يا أبو شريف , انت بتعيط ليه دلوقتي ؟
عباس : معلش يا فوزية , أنا متأثر شوية .
كل ده والولاد عنيهم عالكيس البلاستيك إلي أبوهم دخل بي , وكل واحد بيخمن الحاجة إلي فيه , لكن أبوهم بص ليهم وهو بيقول : خد يا شريف الحاجة إلي جبتهالكو .
وبسرعة خد شريف الكيس البلاستيك , وإتلم حواليه اخواته ........ لكن شريف بعد ما طلع إلي في الكيس , بص لأبوه وقاله وهو مذهول , هو دا كيس الشيبسي أبو نص جنيه إلي حضرتك جايبهولنا .
ويرد عباس على ابنه , وهو في غاية الانبساط : أيوه يا شريف يا ابني , ومتنساش تقسمو الكيس على بعض .