اطفال المسلمين كيف رباهم الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
أخي المربي يقول الله تعالى : ( َقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً)
(الأحزاب:21)
إن قدوتنا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد كان عليه السلام أفضل مربي ، وقد خرج أجيالاً لم يعرف التأريخ مثلهم ، ....
1- النبى صلى الله عليه وسلم يدعو للأبناء وهم في أصلاب آبائهم:
لما أذى النبى من أهل الطائف ورموه بالحجارة عرض عليه ملك الجبال أن يطبق عليهم الأخشبين ( جبلين بمكة ) عندها قال النبي المشفق الرحيم " أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئا " كذلك يرشدنا لما فيه صلاح الابن فى المستقبل حيث تكون البداية ربانية لا شيطانية حيث قال صلى الله عليه وسلم : " لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: باسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ، يولد بينهما ولد فلا يصيبه الشيطان أبدا"
ولقد أمرنا الله باختيار الصالحين والصالحات عند لزواج لتنشئة جيل صالح لأن فاقد الشىء لا يعطيه.
2- ويدعو لهم وهم نطفة في رحم الأمهات:
لقد دعا صلى الله عليه وسلم لأبي طلحة وزوجه فقال : ( بارك الله لكما في ليلتكما ) .
* ومن مظاهر عناية الإسلام بالطفل وهو في رحم أمه ما أمر به السلام من النفقة للمرأة المطلقة ثلاثا إذا كانت حاملا وهذه النفقة لأجل جنينها وليست لأجلها حيث قد سقطت نفقتها بطلاقها ثلاثا،
* ومن العناية به وقايته مما قد يؤثر على صحته وهو في رحم أمه ولذا أبيح للحامل إذا خافت على جنينها أن تفطر في رمضان كالمريض والمسافر، ومن العناية بالطفل وهو في رحم أمه تأجيل العقوبة التي تستحقها إذا كان ذلك سوف يؤثر على الولد أو يقضى عليه مثل قصة جهينة وقصة المرأة الغامدية.
3- ويعلمنا صلى الله عليه وسلم أذكاراً لنزول
أحدهم بالسلامة من رحم أمه:إن لحظات الولادة من أشق اللحظات على الأم وجنينها لما فيها من المشقة والكرب وتكون الأم مكروبة فيها كربا عظيما وقد علمنا الرسول صلى الله عليه وسلم دعاء يقال في هذه الحالات حيث قال: " دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين وأصلح لي شأني كله لا اله إلا أنت"
ومن الآيات قوله تعالى : ( إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (لأعراف:54)
( إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) (يونس:3)
4- ويبين صلى الله عليه وسلم منزلته عند الله إذا سقط من بطن أمه قبل تمامه:
لقد ورد بشأن السقط أحاديث تسر السامعين فعن معاذ بن جبل رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " والذي نفسي بيده إن السقط ليجر أمه بسرره إلى الجنة إذا احتسبته" أي صبرت على فقده. رواه أحمد وابن ماجه .
5- وبعد ولاتهم يؤذن في الأذن اليمنى للطفل:
عن أبى رافع قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أّّذن الحسن بن على حين ولدته فاطمة. وقال ابن القيم رحمه الله : وسر التأذين والإقامة أن يكون أول ما يقرع سمع الإنسان كلمات النداء العلوي المتضمنة لكبرياء الرب وعظمته والشهادة التي أول ما يدخل بها في الإسلام ومعروف أن الشيطان يفر ويهرب من سماع كلمات الآذان فيسمع شيطانه ما يغيظه في أول لحظات حياته.
6 - الإسلام يعد الأولاد من البشريات :إن الأولاد نعمة من الله سبحانه وتعالى يهبها لمن يشاء ويمسكها عمن يشاء ولما كانت هذه النعمة تسر الوالدين بشرت الملائكة بهم رسل الله من البشر وزوجاتهم
قال تعالى:" يا زكريا انا نبشرك بغلام اسمه يحيى"( مريم 7) - وقالت عن امرأة ابراهيم الخليل " وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها باسحق ومن وراء اسحق يعقوب" (هود :71) ولهذا ذم الله تعالى من تبرم من الأنثى واستثقلها لأنه تعالى هو الذي وهبها كما وهب الذكر والحياة لا تستمر إلا بالذكر والأنثى معا فقال تعالى: " ألا ساء ما يحكمون" ( النحل : 59)
7- والنبي صلى الله عليه وسلم يحنك المولود بالتمر ويدعو له ويبرك عليه
والتحنيك هو مضغ الشيء ووضعه في فم الصبي ودلك حنكه به يصنع ذلك بالصبي ليتمرن على الأكل ويقوى عليه والمقصود من التحنيك أن يطمئن الطفل ويجعله آمنا على استمرار غذائه والعناية به وبخاصة تحنيكه بالتمر الذي ترتفع فيه نسبة الحلاوة التي يتلذذ بها الطفل وفيه كذلك تمرين على استعمال وسيلة غذائه الجديدة وهى المص بالفم ليألفها.
* عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِي اللَّهم عَنْها أَنَّهَا حَمَلَتْ بِعَبْدِاللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ قَالَتْ فَخَرَجْتُ وَأَنَا مُتِمٌّ فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَنَزَلْتُ قُبَاءً فَوَلَدْتُ بِقُبَاءٍ ثُمَّ أَتَيْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعْتُهُ فِي حَجْرِهِ ثُمَّ دَعَا بِتَمْرَةٍ فَمَضَغَهَا ثُمَّ تَفَلَ فِي فِيهِ فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ دَخَلَ جَوْفَهُ رِيقُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ حَنَّكَهُ بِالتَّمْرَةِ ثُمَّ دَعَا لَهُ فَبَرَّكَ عَلَيْهِ وَكَانَ أَوَّلَ مَوْلُودٍ وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ فَفَرِحُوا بِهِ فَرَحًا شَدِيدًا لِأَنَّهُمْ قِيلَ لَهُمْ إِنَّ الْيَهُودَ قَدْ سَحَرَتْكُمْ فَلَا يُولَدُ لَكُمْ *رواه الشيخين*
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالصبيان فيبرك عليهم ويحنكهم ) رواه مسلم .
8- ويرشد النبى محمد صلى الله عليه وسلم الأبوين إلى تحصينه بالذكر من الآفات وشكر الله تعالى على موهبته
لا شك أن الدعاء مجلبة لكل خير وفيه شكر الرحمن الذي يزيد من شكره قال تعالى:
" لئن شكرتم لأزيدنكم" (إبراهيم : 7) .
9- ويقسم صلى الله عليه وسلم للمولود ميراثه بمجرد ولادته
فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( لا يَرِثُ الصَّبِيُّ حَتَّى يَسْتَهِلَّ صَارِخًا ) قَالَ وَاسْتِهْلَالُهُ أَنْ يَبْكِيَ وَيَصِيحَ أَوْ يَعْطِسَ *رواة بن ماجة وصححه الألباني *
10- ويأمر بإخراج الزكاة عنه بمجرد الولادة أيضا
فعن ا بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ أَوْ رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ * رواة البخاري ومسلم وغيرهم .. *
11- ويرحم صلى الله عليه وسلم طفولته ولو كان ولد زنا
من رحمة النبي بالطفل وحرصه على أن يشب راضعا من ثدي أمه انه لما جاءته المرأة الغامدية التي زنت ردها حتى تلد فلما وضعت ردها حتى ترضع طفلها ثم جاءت بالطفل بيده كسرة خبز دليل على فطامه فأقام صلى الله عليه وسلم عليها الحد (الحديث رواه مسلم ) والناظر في هذا الحديث يرى أمورا عجيبة:
- لم يأمرها النبي أن تسقط هذا الحمل من الزنا بل على العكس أمرها إن تذهب حتى تلد.
- فلما ولدت أمرها أن تذهب حتى تفطمه فأرضعته ثم فطمته وقد أكل الخبز.
- أن النبي دفع بالصبي إلى أحد المسلمين ليقوم على رعايته وتربيته.
تلك رحمة نبي الرحمة على ولد الزنا من الضياع فما ذنبه أن يتحمل آثار جريمة غيره؟!!
12- ويحتفل بالأطفال فى صغرهم فيوصى بالعقيقة عنهم
وللعقيقة فوائد كثيرة كما ذكر العلماء منهم ابن القيم فهي قربان من الله تعالى وفيها الكرم والتغلب على الشح وفيها إطعام الطعام وهو من القربات وهى تفك ارتهان المولود عن عدم الشفاعة لوالديه أو شفاعة والديه له ومنها أنها ترسيخ للسنن الشرعية ومحاربة خرافات الجاهلية وفيها إشاعة نسب المولود وغيره.
* فعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( كُلُّ غُلَامٍ رَهِينٌ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ وَيُسَمَّى ) *رواه النسائي والترمذي وصححه الالباني *
* وعن أُم كُرْزٍ أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْعَقِيقَةِ فَقَالَ : ( عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ وَعَنِ الْأُنْثَى وَاحِدَةٌ وَلَا يَضُرُّكُمْ ذُكْرَانًا كُنَّ أَمْ إِنَاثًا ) رواه الترمذي وصححه الألباني*ِ
13- يغير صلي الله عليه وسلم عادات الجاهلية في الاحتفال بهم :
عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي بُرَيْدَةَ يَقُولُ كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا وُلِدَ لِأَحَدِنَا غُلَامٌ ذَبَحَ شَاةً وَلَطَخَ رَأْسَهُ بِدَمِهَا فَلَمَّا جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ كُنَّا نَذْبَحُ شَاةً وَنَحْلِقُ رَأْسَهُ وَنُلَطِّخُهُ بِزَعْفَرَانٍ
14- ويسميهم بأحسن الأسماء :
إن الله جميل يحب الجمال ، ومن الجمال العناية باسم المولود ، وقد عني صلى الله عليه وسلم بذلك وكان يحث على التسمية الجميلة ، فعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ أَحَبَّ أَسْمَائِكُمْ إِلَى اللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وأصدقها : حارث وهمام ، وأقبحها حرب ومرة ) أخرجه أبو داود والنسائي
15- وينهي عن تسميتهم بأسماء قبيحة و غير جائزة شرعا :
فعن سمرة بن جندب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تسم غلامك أفلح ولا نجيحا ولا يسارا ولا رباحا فإنك إذا قلت أثم هو أو أثم فلان قالوا لا ) رواه مسلم
16- يأمر صلي الله عليه وسلم بحلق رأس الطفل يوم سابعه وتنظيفه وإزالة الأذي عنه
فعن علي بن أبي طالب قال : عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن بشاة وقال : ( يا فاطمة احلقي رأسه وتصدقي بزنة شعره فضة ) قال فوزنته فكان وزنه درهما أو بعض . رواه الترمذي وأحمد .
ففي حلق رأسه إيذاناً بالعناية بطهارته وحرصاً على سلامته ،
17- وينهي عن تشويه الرأس بحلق بعضه وترك بعضه (القزع) :فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن القزع .
قال : قلت وما القزع ؟ قال : يحلق بعض رأس الصبي ويترك بعض . رواه البخاري ومسلم .
18- ويداعب الصبي بلسانه وفمه :
عن أبي هريرة قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سوق بني قينقاع متكئا على يدي فطاف فيها ثم رجع فاحتبى في المسجد وقال أين لكاع ادعوا لي لكاعا فجاء الحسن عليه السلام فاشتد حتى وثب في حبوته فأدخل فمه في فمه ثم قال : ( اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه ) ثلاثا قال أبو هريرة ما رأيت الحسن إلا فاضت عيني . رواه البخاري ومسلم .
ولَكَاع ولُكَع هو الصغير قليل الجسم . وتطلق أيضاً على قليل العلم الغبي الأحمق .
19- ويكني أهل الطفل باسمه :
عن أبي شريح أنه لما وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومه سمعهم يكنونه بأبي الحكم فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( إن الله هو الحكم وإليه الحكم ) فلم تكنى أبا الحكم فقال إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم فرضي كلا الفريقين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما أحسن هذا فما لك من الولد ) قال لي شريح ومسلم وعبد الله قال : ( فمن أكبرهم ؟ ) قلت شريح قال : ( فأنت أبو شريح ) رواه أبو داود
20- ويهتم بختان الطفل :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الفطرة خمس : الختان ، والاستحداد ، وقص الشارب ، وتقليم الأظافر ، ونتف الآباط ) رواه البخاري .
21- ويجلسهم علي حجره وفخذة ويشفق علي مرضاهم :
عن أم كرز الخزاعية قالت أتي النبي صلى الله عليه وسلم بغلام فبال عليه فأمر به فنضح وأتي بجارية فبالت عليه فأمر به فغسل . رواه أحمد
وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذني فيقعدني على فخذه ويقعد الحسن على فخذه الأخرى ثم يضمهما ثم يقول: ( اللهم ارحمهما فإني أرحمهما ) رواه البخاري .
22- ويبشرهم (صلى الله عليه وسلم ) بالجنة إذا ماتوا صغارًا:
عن عائشة أم المؤمنين رضي اللَّه عنها قالت: دُعي رسول (صلى الله عليه وسلم ) إلى جنازة غلام من الأنصار، فقلت: يا رسول الله، طوبى لهذا، عصفور من عصافير الجنة، لم يعمل السوء ولم يدركه. قال: «أوَ غير ذلك يا عائشة؟ إن اللَّه خلق للجنة أهلاً خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم، وخلق للنار أهلاً خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم» .
وقال (صلى الله عليه وسلم ) : «رأيت الليلة رجلين أتياني فأخذا بيدي فأخرجاني إلى الأرض المقدسة …» إلى أن قال: «قالا: انطلق، فانطلقتُ، فإذا روضة خضراء، وإذا فيها شجرة عظيمة، وإذا شيخ في أصلها حوله صبيان» إلى أن قال: «إنكما طوفتماني منذ الليلة، فأخبِراني عما رأيت. قالا: نعم … قال: وأما الشيخ الذي رأيت في أصل الشجرة فذاك إبراهيم عليه السلام، وأما الصبيان الذين رأيتَ فأولاد الناس». رواه البخاري
23- ويبشّر (صلى الله عليه وسلم ) بشفاعتهم لأبويهم إذا صبروا على فقْدِهِم:
عن أبي حسان قال: قلت لأبي هريرة: إنه قد مات لي ابنان، فما أنت محدِّثي عن رسول اللَّه (صلى الله عليه وسلم ) بحديث تُطيِّب به أنفسنا عن موتانا؟ قال: «نعم: صغارهم دعاميص الجنة (صغار أهل الجنة) يتلقَّى أحدهم أباه، أو قال: أبويه، فيأخذ بثوبه، أو قال: بيده، كما آخذ أنا بِصَنِفَةِ (طرف) ثوبك هذا، فلا يتناهى، أو قال: فلا ينتهي (فلا يتركه) حتى يُدخِله اللَّه وإيَّاه الجنة» رواه مسلم
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي (صلى الله عليه وسلم ) قال: «ما من مسلمَيْن يموت لهما ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنْث، إلا أدخلهما اللَّه وإياهم بفضل رحمته الجنة، وقال: يقال لهم: ادخلوا الجنة، قال فيقولون: حتى يجيئ أبوانا، قال: ثلاث مرات فيقولون مثل ذلك، فيقال لهم: ادخلوا الجنة أنتم وأبواكم». رواه البخاري
24- وكان (صلى الله عليه وسلم ) يرحم بكاء الطفل في الصلاة فيخففها، ويحث أئمة المساجد على تخفيف الصلاة لأجلهم:
عن أنس رضي الله عنه قال: ما صليت وراء إمام قَط أخف صلاة ولا أتم من النبي (صلى الله عليه وسلم ) ، وإن كان ليسمع بكاء الصبي فيخفف عنه مخافة أن تُفتَن أمه. رواه البخاري
ويؤكد (صلى الله عليه وسلم ) ذلك بنفسه فيقول: «إني لأدخل الصلاة وأنا أريد أن أطيلها فأسمع بكاء الصبي فأتجاوز في صلاتي مما أعلم من شدة وَجْد أمه من بكائه» رواه البخاري .
25- ويناديهم (صلى الله عليه وسلم ) بكنيتهم تكريمًا لهم:
يقـول أنس رضي الله عنه: كان رسول اللَّه (صلى الله عليه وسلم ) أحسن الناس خلقًا وكان لي أخ يقال له أبو عمير، قال: أحسبه فطيمًا، وكان إذا جاء (أي النبي) قال: يا أبا عمير... إن النداء للطفل بكنيته يرفع معنوياته، ويجعله أشد حبًّا لمعلمه ومربيه، وكلما كانت العلاقة بين الطفل ومؤدبه حسنة كانت النتائج إيجابية وسريعة وعظيمة، فلنقتد بخير الخلق محمد (صلى الله عليه وسلم ) .
26- ويُحسن النداء (صلى الله عليه وسلم ) للصغار حتى من الخدم:عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول اللَّه (صلى الله عليه وسلم ) قال: «لا يقولن أحدكم: عبدي، وأَمَتي كلكم عبيد اللَّه، وكل نسائكم إماء اللَّه، وليقل: غلامي، وجاريتي، وفتاي، وفتاتي»
رواه مسلم
27- ويَحْمِلُهم (صلى الله عليه وسلم ) في صلاته:
عن عبد اللَّه بن شداد رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول اللَّه (صلى الله عليه وسلم ) في إحدى صلاتي العشاء وهو حامل حسنًا أو حسينًا، فتقدم رسول اللَّه (صلى الله عليه وسلم ) فوضعه ثم كبَّر للصلاة فصلى فسجد بين ظهراني صلاته سجدة أطالها، قال أبي: فرفعت رأسي وإذا الصبي على ظهر رسول اللَّه (صلى الله عليه وسلم ) وهو ساجد، فرجعتُ إلى سجودي، فلما قضى رسول اللَّه (صلى الله عليه وسلم ) الصلاة قال الناس: يا رسول اللَّه، إنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر وأنه يوحَى إليك، قال: «كل ذلك لم يكن، ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته» رواه النسائي
وعن أبي قتادة الأنصاري أن رسول اللَّه (صلى الله عليه وسلم ) كان يصلي وهو حامل لأمامة بنت زينب بنت رسول اللَّه (صلى الله عليه وسلم ) ، فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها . رواه البخاري .
28- ويأمر صلى الله عليه وسلم بتلقين الطفل كلمة التوحيد:
عن جندب بن عبد اللَّه قال: "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن فتيان حزاورة فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن، ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيمانًا".
فعلمهم النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان قبل أن يعلمهم القرآن، والإيمان كما بالحديث: "بضع وسبعون شعبة، أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول: لا إله إلا اللَّه، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان".
29- ويقطع صلى الله عليه وسلم خطبته ويترك منبره ليرحم عثرتهم:
عن عبد اللَّه بن بريدة عن أبيه قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يخطبنا إذ جاء الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران، فنزل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه، ثم قال: "صدق اللَّه إنما أموالكم وأولادكم فتنة" {التغابن: 15}، فنظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما". صلى اللَّه عليك يا رسول اللَّه.
30- ويهتم صلى الله عليه وسلم بتهذيب مظهرهم وحلاقتهم:
عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى صبيًا قد حُلق بعض شعر رأسه وتُرك بعضه، فنهاهم عند ذلك وقال: "احلقوه كله أو اتركوه كله".
إن رسولنا صلى الله عليه وسلم لا يحب تشويه منظر الطفل، ولا تشبيه مظهره بمظهر أبناء الكفار، ولا أن يكون حبنُّا لأطفالنا دافعًا لنا أن نفعل فيهم الأفاعيل، وإنما أراد لأبناء المسلمين أن يكون لهم مظهرٌ مميز وشخصية مستقلة، غير مقلدة ولا محاكية لشخصيات غير مسلمة كما يُرى في واقع كثير من الناس اليوم إلا من عافاه اللَّه.
31- ويشرف بنفسه صلى الله عليه وسلم على حلاقتهم
عن عبد اللَّه بن جعفر- رضي اللَّه عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم أمهل آل جعفر ثلاثًا أن يأتيهم - يعني بعد موته - ثم أتاهم فقال: "لا تبكوا على أخي بعد اليوم" يريد إنهاء الحِدَاد عليه، ثم قال: "ادعوا لي بني أخي". فجيء بنا كأنا أفرخ، فقال: "ادعوا لي الحلاق". فأمره فحلق رءوسنا
. وهذا فيه هَدْيٌ وإرشاد للآباء أن يُشرفوا بأنفسهم على حلاقة أبنائهم، ويقرروا متى يحلقونه ومتى يتركونه، ولا يتركوا للأبناء الحرية في ذلك، فربما قلدوا أصحاب "القُصة" وصنعوا مثل أرباب "الشوشة"!! وتركوا هَدْي المصطفى صلى الله عليه وسلم
32- ويحملهم صلى الله عليه وسلم على عاتقه وعلى دابته:
عن البراء قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم والحسين على عاتقه وهو يقول: "اللهم إني أحبه فأحبه".
وعن عبد اللَّه بن جعفر أيضًا قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر تُلُقِّيَ بصبيان أهل بيته، قال: وإنه جاء من سفر فسُبِق بي إليه فحملني بين يديه، ثم جيء بأحد ابني فاطمة الحسن والحسين رضي اللَّه عنهم فأردفه خلفه، قال: فأُدخلنا المدينة ثلاثة على دابة.
وحمل صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين على عاتقيه (كتفيه)، وقال: "نِعم الراكبان هما، وأبوهما خير منهما".
وعن عمر رضي الله عنه قال: رأيت الحسن والحسين على عاتقي النبي صلى الله عليه وسلم ، فقلت: نعم الفرس تحتكما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "ونِعم الفارسان" .
وعن البراء بن عا** رضي الله عنه قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصلي، فجاء الحسن والحسين أو أحدهما، فركب على ظهره، فكان إذا سجد رفع رأسه قال بيده فأمسكه أو أمسكهما وقال: "نِعم المطية مطيتكما"
إنه التواضع من سيد البشر، والاهتمام بالنشء لبناء شخصيتهم وربطهم بمعلِّمهم الأعظم وقُدوتهم الأكرم؛ محمد صلى الله عليه وسلم .
33- ويبحث عنهم صلى الله عليه وسلم إذا فقدهم:
إن الأطفال نعمة من اللَّه سبحانه وتعالى، والذي يعيش مع هذه النعمة ويحس بها ويرى أثرها يجد نفسه في لهفة لرؤية الأطفال ومداعبتهم، والبحث عنهم عند فقدهم، وهكذا كان سيد ولد آدم؛ محمد صلى الله عليه وسلم .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى سوق بني قينقاع متكئًا على يدي فطاف فيها ثم رجع فاحتبى (أي جلس على مقعدته وهو يشبِّك ذراعيه حول ركبتيه) في المسجد، وقال: "أين لَكَاع؟ ادعوا لي لكاع"، فجاء الحسن عليه السلام فاشتد حتى وثب في حبوته، فأدخل صلى الله عليه وسلم فمه في فمه، ثم قال: "اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه (ثلاثًا").
قال أبو هريرة: ما رأيت الحسن إلا فاضت عيني.
ولَكَاع وَلُكَع هو الصغير قليل الجسم، وتطلق على قليل العلم الغبي الأحمق.34- ويعلمهم أدب اللباس فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال رأى النبي صلى الله عليه وسلم عليَّ ثوبين معصفرين – أي مصبوغين لون أصفر – فقال : ( أمك أمرتك بهذا ؟ ) قلت أغسلهما ؟
قال : ( إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها ) رواه مسلم
35- ويرحمهم بالبشاشة والقبلة ويرغب الآباء في رحمتهم .
عن أبي هريرة قال : قَبَّل النبي صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين وعنده الأقرع بن حابس فقال : إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحداً ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من لا يرحم لا يرحم ) رواه البخاري
36- ويؤكد على الصدق معهم وعدم الكذب عليهم:
عن عبد اللَّه بن عامر قال: دعتني أمي، ورسول اللَّه صلي الله عليه وسلم قاعد في بيتنا، فقالت: ها، تعال أعطيك، فقال صلي الله عليه وسلم : "ما أردت أن تعطيه؟" قالت: أعطيه تمرًا. فقال لها: "أمَا إنك لو لم تعطيه شيئًا كُتِبت عليك كذبة".
إن الأطفال يراقبون سلوك الكبار ويقتدون بهم، فلا يجوز خداعهم بأي حال. قال أبو الطيب: وفي الحديث أن ما يتفوَّه به الناس للأطفال عند البكاء مثلاً بكلمات هزلاً أو كذبًا بإعطاء شيء أو بتخويف من شيء حرام داخل في الكذب.
كذلك يراعى الصدق معهم في الحديث عند تسليتهم أو إضحاكهم أو سرد قصص وحكايات عليهم، وينبغي ألا يدخل الكذب في هذا كله.
37- ويترك للصغير فرصة يتلَهَّى معه صلي الله عليه وسلم :
ربما يمزح الطفل الصغير مع الرجل الكبير، وربما يعبث في ثوبه أو في لحيته، وزجْرُه في هذه الحالة كسرٌ لنفسه وجَرْحٌ لشعوره، وتعويدٌ له على الانطواء والوحدة، لكن مقابلة ذلك بالابتسامة والإعجاب، يُدخل السرور على الطفل، ويشجعه على مخالطة الكبار والاستفادة منهم، كما يربي فيه الشجاعة الأدبية.
وقد حدث مثل هذا مع النبي صلي الله عليه وسلم : فعن أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص قالت: أُتِيَ النبي صلي الله عليه وسلم بثياب فيها خميصة سوادء صغيرة، فقال: "مَن ترون أن نكسوَ هذه؟" فسكت القوم،
قال: "ائتوني بأم خالد"، فأُتِيَ بها تُحمل فأخذ الخميصة بيده فألبسها. رواه البخاري
وفي الرواية الأخرى: ثم قال صلي الله عليه وسلم : "سَنَه سَنَه". وهي باللغة الحبشية بمعنى: حَسَنة، قالت: فذهبتُ ألعب بخاتم النبوة (بين كتفيه) ف**رني (فزجرني) أبي، قال رسول اللَّه صلي الله عليه وسلم : "دعها". ثم قال رسول اللَّه صلي الله عليه وسلم : "أبلي وأخلقي، ثم أبْلي وأخْلقي، ثم أبلي وأخلقي".
قال عبد اللَّه: فبقيت حتى ذَكَرَ، يعني من بقائها. يعني طال عمرها بدعوة النبي "أبلي وأخلقي" ثلاث مرات، والثوب الخَلِق: هو البالي، وكانت الطفلة الصغيرة أم خالد مع أهلها في هجرة الحبشة، فلذلك داعبها النبي صلي الله عليه وسلم بلهجة أهل الحبشة التي تفهمها: "سَنَه سنه". رواه البخاري
38- ويصحبهم صلي الله عليه وسلم في الطريق واعظًا ومعلمًا على قدر عقولهم
الطفل من حقه أن يصحب الكبار ليتعلم منهم، فتتغذى نفسه، ويتلقح عقله بلقاح العلم والحكمة، والمعرفة والتجربة، فتتهذب أخلاقه، وتتأصل عاداته.
وقد كان النبي صلي الله عليه وسلم قدوة في ذلك، فعلمنا أنه صحب أنسًا، وكذلكم صحب أبناء جعفر ابن عمه، والفضل ابن عمه. وها هو عبد اللَّه بن عباس، ابن عمه صلي الله عليه وسلم يسير بصحبة النبي صلي الله عليه وسلم على دابته، فيستفيد النبي صلي الله عليه وسلم من تلك الصحبة في الهواء الطلق، والذهن خالٍ، والقلب منفتح، فيعلِّمه كلمات، على قدر سنِّه واستيعابه، في خطاب مختصر ومباشر وسهل، مع ما يحمله من معان عظيمة يسهلُ على الطفل فهمها واستخلاصها،
يقول: "يا غلام، إني أعلمك كلمات، احفظ اللَّه يحفظك، احفظ اللَّه تجده تجاهك، إذا سألتَ فاسأل اللَّه، وإذا استعنت فاستعن باللَّه، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء؛ لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه اللَّه لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه اللَّه عليك، رُفعت الأقلام وجفَّت الصحف". رواه الترمذي
39- ويستخدم صلي الله عليه وسلم العبارات الرقيقة في محادثتهم لاستمالة قلوبهم:
من عوامل بناء الثقة في الطفل، ورفع روحه المعنوية وحالته النفسية؛ أن يُنادَى باسمه، بل بأحسن أسمائه، أو بكنيته، أو بوصف حسنٍ فيه. وقد كان رسول اللَّه صلي الله عليه وسلم قدوةً في ذلك؛ فتارة ينادي الصبي بما يتناسب مع صغره، فيقول: "يا غلام، إني أعلمك كلمات". و"يا غلام سم اللَّه، وكُلْ بيمينك". و"يا غلام أتأذن لي أن أعطي الأشياخ؟" وهكذا.
وتارة يناديه بقوله: "يا بنيَّ". كما قال لأنس لمَّا نزلت آية الحجاب: "وراءك يا بني". وقال صلي الله عليه وسلم عن أبناء جعفر ابن عمه أبي طالب: "ادعوا لي بني أخي". وسأل أمهم عن صحتهم فقال: "ما لي أرى أجسام بني أخي ضارعة تصيبهم الحاجة؟".
وتارةً أخرى يناديهم صلي الله عليه وسلم بالكُنية، فالكنية تكريم وتعظيم، فكان يقول للطفل الصغير الفطيم: "يا أبا عمير، ما فعل النغير؟" لطائر صغير كان يلعب به فمات.
وقد كان أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم ينادون مَن وُلِد في الإسلام من أب مسلم بقولهم: يا ابن أخي، فقد مدح المسيب البراء بن عا** بصحبة النبي صلي الله عليه وسلم وبيعته فقال له: "يا ابن أخي، إنك لا تدري ما أحدثنا بعده".
وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه يقول للشاب الذي سأله عن أبي جهل: يا ابن أخي، وما تصنع به؟ وكان يريد أن يقتله في غزوة بدر، وقد كان.
40- ويقدّر صلي الله عليه وسلم للصغار لعبهم:
ماذا تقولي أتها المربية حينما تعلمي أن الحسين بن عليّ وهو طفل؛ كان عنده جِرْو (كلب صغير) يتسلَّى به، وأن أبا عمير بن أبي طلحة كان عنده عصفور يلعب به، وأن عائشة رضي اللَّه عنها كان عندها لُعَب (بنات) تلعب بها؟
والجواب: أن هذا إقرار من النبي صلي الله عليه وسلم لحاجة الطفل إلى اللعب والترفيه، والتسلية وإشباع الرغبة.
وماذا تقولي يا أخت أيضًا حينما تعلم أن النبي صلي الله عليه وسلم لما تزوج عائشة حملت معها لعبها إلى بيت النبي صلي الله عليه وسلم لتلعب بها عنده، بل كان هو يسرِّب إليها صديقاتها لتلعب معها، ولما امتنع جبريل عليه السلام عن دخول بيت النبي صلي الله عليه وسلم بسبب وجود كلب (جرو الحسين)، ولم يكن النبي صلي الله عليه وسلم عالمًا بوجوده في البيت، ومع هذا لم يعنف الحسين أو يزجره أو يحرمه من لعبته، وكذلك طائر أبي عمير؛ لم يمنعه النبي صلي الله عليه وسلم من التلهِّي به مادام أنه لا يعذبه ولا يؤذيه، ماذا تقولي يا أخت حين تعلم هذا كله وأكثر منه في سلوك نبينا نحو احترام كيان الطفل؟!
والجواب: أن هذا تقرير منه صلي الله عليه وسلم للعب الصبي؛ لأن اللعب ينمّي عقله، ويوسع مداركه، ويشغِّل حواسه وأحاسيسه. وأن توفير اللعبة المفيدة له يرفع عنه الحرمان، ويعينه على بر الأبوين، ويُدخِل السرور على نفسه، ويستجيب لميوله ويرضيه، فينشأ طفلاً سويًّا.
(( مضار منع الأطفال من اللعب ))
وقد نصح العلماء رحمهم اللَّه أن يُسمَح للطفل باللعب اليسير لا باللعب الشاق بعد الانتهاء من دروسه لتجديد نشاطه، بشرط ألاَّ يُتعب نفسه. وينبغي أن يؤذن له بعد الانصراف من الكُتَّاب أن يلعب لعبًا جميلاً يستريح إليه من تعب المكتب، فإنَّ منْع الصبي من اللعب وإرهاقه بالتعليم دائمًا يميت قلبه، ويبطل ذكاءه، وينغص عليه العيش، حتى يطلب الحيلة في الخلاص منه رأسًا. كما يعوَّد الصبي في بعض النهار المشي والحركة والرياضة، حتى لا يغلب عليه الكسل.
إن اللعب للأطفال كالعمل للرجال، والطفل الصحيح الجسم لا يستطيع أن يجلس ساكنًا خمس دقائق؛ فتراه ينقب في كل شيء تقع عليه عينه، ويقلِّبه ويضعه في فمه، وقد يفكه ليبحث عما في داخله. وقد ثبت في علم النفس أن هناك صلة كبيرة بين الجسم والعقل، فما يؤثر في الجسم يؤثر في العقل، وما يؤثر في العقل يؤثر في الجسم، ولكي يستطيع الإنسان القيام بأعباء الحياة يجب أن يكون قويًا في جسمه، سليمًا في عقله.
41- ولا يفرق صلي الله عليه وسلم جماعتهم وهم يلعبون:
يقول أنس رضي الله عنه: خدمتُ رسول اللَّه صلي الله عليه وسلم يومًا حتى إذا رأيت أني قد فرغت من خدمتي، قلت: يقيل رسول اللَّه صلي الله عليه وسلم فخرجت إلى صبيان يلعبون، فجئت أنظر إلى لعبهم، فجاء رسول اللَّه صلي الله عليه وسلم فسلم على الصبيان وهم يلعبون، فدعاني فبعثني إلى حاجة له، فذهبت فيها وجلس صلي الله عليه وسلم في فيء (ظل) حتى أتيته الحديث.
والنبي صلي الله عليه وسلم يراعي ظروف الطفل وتلبية رغباته النفسية بعيدًا عن الكبت الذي يُولد الانفجار، فسلَّم أولاً على الصبيان، وهذا تقدير منه لهم، وتعويد على إلقاء السلام وإفشائه، ثم جلس في الظل عندهم ينتظر أنسًا، وكلما رأوه وهو يتابعهم وينظر إليهم ويعجب ببهجتهم وحركتهم؛ فيزدادون فرحًا وسرورًا، فينشأون على حبه، وهذا الذي يريد أن يغرسه فيهم صلي الله عليه وسلم
42- وينهى صلي الله عليه وسلم عن التفريق بينهم وبين أهليهم:
عن أبي عبد الرحمن الحُبُلِي أن أيوب كان في جيش فَفُرِّق بين الصبيان وبين أمهاتهم، فرآهم يبكون، فجعل يرد الصبي إلى أمه ويقول: إن رسول اللَّه صلي الله عليه وسلم قال: "من فرَّق بين الوالدة وولدها فرَّق اللَّه بينه وبين الأحباء يوم القيامة".رواه الحاكم والترمذي .
وفي رواية ابن ماجه (2241) كتاب التجارات عن أبي موسى قال: لعن رسول اللَّه صلي الله عليه وسلم من فرَّق بين الوالدة وولدها وبين الأخ وأخيه. بل إن النبي صلي الله عليه وسلم يمنع الجلوس بين الطفل وأبيه في المجالس، وهذا لا شك أدب هام وعظيم من آداب مجالس الأطفال مع الكبار؛ لأن أهل الطفل هم أعرف الناس بميوله وعاداته، وإيجابياته وسلبياته، وخطئه وصوابه، وهم أقدر على توجيهه وإرشاده، كما أن الطفل إذا فرِّق بينه وبين أبيه في المجلس فإنه يشعر بالخجل والحرج ويظل شاردًا بذهنه، منتظرًا متى ينتهي هذا المجلس، فلا يستفيد من جلسته مع الكبار شيئًا، لذلك رحم الرسول صلي الله عليه وسلم شعور الطفل ونفسيته من تلك المعاناة، فقال: "لا يجلس الرجل بين الرجل وابنه في المجلس". رواه الطبراني - والمناوي في فيض القدير-
43- ويبتعد عن لومهم وعتابهم
إن كثرة الملامة تجر إلى الندامة ، والإسراف في التوبيخ والتأديب يزيد من فعل القبيح المعيب ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أبعد الناس عن ذلك ، فما كان يكثر العتاب للطفل واللوم على تصرفات ما . وهو إنما يزرع في نفس الطفل روح الحياء وينمي فيه الانتماء والملاحظة ...
ويصف لنا أنس رضي الله عنه حاله مع رسول الله فيقول : خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين ، والله ما قال لي أف ولا : لمَ صنعت ؟ ولا ألا صنعت ؟
ولعل قائلاً أن يقول لو فعلنا هذا الأسلوب لتجرأ الولد ولن نستطيع السيطرة عليه . فنقول لماذا لم يتجرأ أنس وابن عباس وأسامة وغيرهم ممن أصبحوا أئمة ؟؟
44- ويرشدهم إلى مكارم الأخلاق
عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا بني إذا قدرت أن تصبح وتمسي ليس في قلبك غش لأحد فافعل ) رواه الترمذي .
45- وينهى الآباء عن الدعاء على أبنائهم
عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على خدمكم ولا تدعوا على أموالكم ، لا توافقوا من الله تبارك وتعالى ساعة نيل فيها عطاء فيستجيب لكم ) رواه مسلم
46- ويستأذنهم فيما هو من حقهم
إن إعطاء الولد حقه يشعره بقيمته في الحياة ، ويؤهله إلى أن يراعي حقوق الآخرين في المستقبل ،
عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُتي بشراب فشرب منه وعن يمينه غلام وعن يساره أشياخ ، فقال : (أتأذن لي أن أعطي هؤلاء ؟ ) فقال الغلام : لا ، والله لا أوثر بنصيبي منك أحداً ، قال : فتله ( وضعه ) رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده . رواه البخاري ومسلم .
47- ويعلمهم حفظ الأسرار
عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنها قال : أردفني رسول الله ذات يوم خلفه فأسر إلي حديثاً لا أحد به أحداً من الناس . رواه مسلم
48- ويأكلهم معهم ويعلمه آداب الطعام
الأكل مع الطفل فرصة لتعليمه آداب الأكل ، وتصحيح ما يقع فيه من أخطاء ...
يقول عمر بن سلمة رضي الله عنها : كنت غلاماً في حجر رسول الله فكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي : ( يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك ) رواه البخاري .
49- ويأمر بالعدل بين الأولاد
قال صلى الله عليه وسلم : ( اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ) رواه مسلم
50- ويفصل بين المتخاصمين من الأطفال
عن جابر قال اقتتل غلامان غلام من المهاجرين وغلام من الأنصار فنادى المهاجر أو المهاجرون يال المهاجرين ونادى الأنصاري يال الأنصار فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( ما هذا دعوى أهل الجاهلية ؟ ) قالوا لا يا رسول الله إلا أن غلامين اقتتلا فكسع أحدهما الآخر – أي ضرب مؤخرته-قال : ( فلا بأس ولينصر الرجل أخاه ظالما أو مظلوما إن كان ظالما فلينهه فإنه له نصر وإن كان مظلوما فلينصره) رواه مسلم
51- ويحرك المنافسة فيهم
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها وإنها مثل المسلم فحدثوني ما هي ) فوقع الناس في شجر البوادي قال عبد الله ووقع في نفسي أنها النخلة فاستحييت ثم قالوا حدثنا ما هي يا رسول الله قال : ( هي النخلة ) رواه البخاري ومسلم
52- ويكافئ الفائز منهم ليشجعهم
عن عبدالله بن الحارث قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصف عبدالله وعبيدالله وكثير بن العباس ثم يقول : ( من سبق إلي فله كذا وكذا ) قال فيستبقون إليه فيقعون على ظهره وصدره فيقبلهم ويلتزمهم رواه أحمد وإسناده حسن
53- ويواسي اليتامى ويبكي من أجلهم
عن سهل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئا ) رواه البخاري
ولما استشهد جعفر رضي الله عنه قام رسول الله صلى الله وسلم إلى أبناء جعفر وشمهم وبكى رحمة بهم .
54- ويأمر بكفهم عن اللعب وقت انتشار الشياطين
عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا استجنح الليل أو كان جنح الليل فكفوا صبيانكم فإن الشياطين تنتشر حينئذ فإذا ذهب ساعة من العشاء فخلوهم وأغلق بابك واذكر اسم الله وأطفئ مصباحك واذكر اسم الله وأوك سقاءك واذكر اسم الله وخمر إناءك واذكر اسم الله ولو تعرض عليه شيئا ) رواه البخاري
55- ويعوذهم من الشياطين والعين
عن ا بن عباس رضي الله عنهما قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين ويقول : ( إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة ) رواه البخاري
56- ويعلمهم الأذان والصلاة وما يحتاجون إليه
علم صلى الله عليه وسلم أبا محظورة وغيره من المؤذنين الأذان ، وكذلك كان يعلم الصبيان الصلاة ويحث على تعليمهم ويقول : ( علموا الصبي الصلاة ابن سبع سنين واضربوه عليها ابن عشر ) رواه الترمذي .
57- ويأمر صلى الله عليه وسلم الأئمة بتخفيف الصلاة من أجلهم
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا أم أحدكم الناس فليخفف فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف والمريض فإذا صلى وحده فليصل كيف شاء ) رواه مسلم
58- ويفرق بينهم في المضاجع من لسبع سنين
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مروا أبناءكم بالصلاة لسبع سنين واضربوهم عليها لعشر سنين وفرقوا بينهم في المضاجع وإذا أنكح أحدكم عبده أو أجيره فلا ينظرن إلى شيء من عورته فإنما أسفل من سرته إلى ركبتيه من عورته ) رواه أبو داود
59- ويعودهم على غض البصر
عن ابن عباس رضي الله عنهما يقول كان فلان ردف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة فجعل الفتى يلاحظ النساء وينظر إليهن فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ابن أخي إن هذا يوم من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه غفر له ) رواه أحمد
60- ويخالطهم ويحثهم على مخالطة الكبار ، والعلماء
قال أنس رضي الله عنه : إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخالطنا . رواه البخاري في الأدب المفرد .
61- ويحذرهم من مجالسة رفقاء السوء ويبين لهم مثلهم
عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مثل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد ريحا خبيثة ) رواه البخاري ومسلم
62- ويعلمهم أدب الاستئذان
كان أنس رضي الله عنه يخدم النبي صلى الله وسلم ويدخل عليه بغير إذن ، فجاء يوماً ليدخل ، فقال له : ( كما أنت يا بني فإنه قد حدث بعدك أمر ، لا تدخل إلا بإذن ) رواه البخاري في الأدب المفرد
63- ويحثهم على الزواج ويبين فضله
عبد الله بن مسعود رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا معشر الشباب من استطاع الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) روه البخاري ومسلم