غداً الانتخابات البرلمانية. بعد غد الانتخابات الرئاسية. الأسماء نفس الأسماء. الوجوه نفس الوجوه. حتى المعارضة نفس المعارضة. هم مُصمّمون على أن يشربوا الكأس لآخر قطرة، ويحكمونا لآخر نفس. جربناهم ثلاثين سنة فما زادونا إلا هوانا. لو كان فيهم خير فقد أخذنا بنصيبنا منه، ولو كانوا شرا فقد ارتوينا واكتفينا. فلماذا لا يعتقوننا لوجه الله ويرحلون؟!
التجديد سنّة الحياة. تتعاقب الفصول. يتوالى الليل والنهار، تتجدد مياه النهر وأوراق الشجر. تموت عصافير وتُولد عصافير أخرى. وتشهد الغابة أجيالاً جديدة تتولى قيادة القطيع، لكننا فى مصر، منذ أن جئنا إلى الدنيا، وهم يحكمون! وسنغادر الدنيا وهم يحكمون.
سئمنا وهم لا يسأمون. شبعنا وهم لا يشبعون. عرفنا أن الملل يُسمّم حياة البشر، ومهما كان الطعام شهيّا، فأنت لا تستطيع أن تأكل منه كل يوم، وتقول فى النهاية: « كفاية». فلماذا لا يقولون «كفاية» أبدا؟ وإذا قيل لهم «كفاية» يغضبون.
ورغم أنهم نالوا حظوظهم كاملة، والموت - بحكم الطبيعة - قريب منى ومنهم، ورغم أن معظمهم جاوز السبعين، فإنهم مستميتون على البقاء. هب أنهم حكمونا بضع سنين أخرى فما هى المنافع التى ستعود عليهم، والموت كأس دوّارة سنذوقها أجمعين.. ولماذا لا يقضون أيامهم الأخيرة مع أحفادهم فى بهجة الشمس يلعبون ويضحكون؟!
ما الذى يمكن أن تمنحهم الحياة أكثر مما أخذوه.. هل يطمعون فى مال، ولديهم منه ما لو حاولوا أن ينفقوه فلن يستطيعوا، أم هو التنافس فى ترتيب الأثرياء؟! لا شك أنه شعور ممتع، ولكن هل تستحق متعة الأرقام إصدار قرارات تعصف بملايين الفقراء.. أم هى شهوة السلطة والإحساس بالتميز، وهم يستطيعون أن يصدروا جريدة ملاكى تحكى عن أمجادهم الشخصية، وتؤرخ لتفاصيل حياتهم اليومية، ويكتروا بأموالهم آلاف يزغردون لهم فى الذهاب والإياب.. أم تراهم يظنون أننا لا نستغنى عنهم وأنهم حين يحكموننا يُضحّون من أجلنا، وأننا من دونهم ضائعون؟! فليتركونا لمصيرنا بما أننا أبناء عاقّون.
إننى حينما أطالع التعليقات المنشورة على المواقع الإخبارية يروّعنى كمّ البغض الهائل الذى يكنه الناس لهم ودعاؤهم عليهم. إنهم يعتبرونهم المسؤولين عن شقائهم اليومى وبؤسهم الشديد. ألا يطالعون هذه التعليقات.. ألا يخافون أن يستجيب الله لدعائهم عليهم، ودعوة المظلوم لا تُرد.. ألا يعرفون أن الصلاة لا تُقبل من إمام يكره المصلون إمامته، فما بالك بشؤون الحكم، ألا يشعرون بالتهيّب وقد أوشكت آجالهم أن تنتهى واقترب لقاء الله الجليل؟!
يا سادتنا.. نحن نعلم أنه لا حيلة لنا معكم، ونعرف أنكم جاثمون على أنفاسنا، قادرون على التنكيل بنا، لا نستطيع الفكاك منكم. ولكن ارحمونا ببركة الأيام العشرة من ذى الحجة، بحرمة وقفة عرفات والبيت العتيق. اتركونا بسلام نجرب غيركم، لعلّ الله يغفر لكم ما فعلتموه بنا.
اعتقونا لوجه رب كريم.